عدم مواجهه بعض المخطئين بالخطأ والاكتفاء بالبيان العام:
عن
أنس بن مالك حدثهم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما بال أقوم يرفعون
أبصارهم إلى السماء في صلاتهم . فاشتد قوله في ذلك حتى قال : لينتهن عن
ذلك أو لتخطفن أبصارهم .
ولما
أرادت عائشة رضي الله عنها شراء جارية اسمها بريرة رفض أهلها بيعها إلا
بشرط أن يكون الولاء لهم ، فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم قام في
الناس فحمد الله وأثني عليه ، ثم قال : ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست
في كتاب الله ؟ ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط
قضاء الله أحق وشرط الله أوثق ، وإنما الولاء لمن أعتق .
وعن
عائشة رضي الله عنها قالت : ضع النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فرخص فيه
فتنزه عنه قوم ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فخطب فحمد الله ، ثم
قال : ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه ؟ فوالله إني لأعلمهم بالله
وأشدهم له خشية
وعن
أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في قبلة المسجد
فأقبل على الناس ، فقال : ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه فيتنخع عن يساره
تحت قدمه ، فإن لم يجد فليقل هكذا . ووصف القاسم فتفل في ثوبه ثم مسح بعضه
على بعض .
وروى النسائي في سننه عن
النبي صلى الله عليه وسلم انه صلى صلاة الصبح فقرأ الروم ، فالتبس عليه ،
فلما صلي قال : ما بال أقوام يصلون معنا لا يحسنون الطهور ، فإنما يلبس
علينا القرآن ، أولئك .
والأمثلة كثيرة ويجمعها عدم فضح صاحب الخطأ . وأسلوب التعريض بالمخطئ وعدم مواجهه له فوائد منها :
1- تجنب رد الفعل السلبي للمخطئ وإبعاده عن تزيين الشيطان له بالانتقام الشخصي والانتصار للنفس .
2- أنه أكثر قبولاً وتأثيرا في النفس .
3- أنه أستر للمخطئ بين الناس .
4- ازدياد منزلة المربي وزيادة المحبة للناصح .
وينبغي
الانتباه إلى أن اسلوب التعريض هذا لإيصال الحكم إلى المخطئ دون فضحة
وإحراجه إنما يكون إذا كان أمر المخطئ مستوراً لا يعرفه أكثر الناس ، أما
إذا كان أكثر الحاضرين يعرفونه وهو يعلم بذلك ،فإن الأسلوب حينئذ قد يكون
اسلوب تقريع وتوبيخ وفضح بالغ السوء والمضايقة للمخطئ ، بل إنه ربما يتمنى
لو أنه ووجه بخطئه ولم يستعمل معه ذلك الأسلوب . ومن الأمور المؤثرة فرفاً
: من هو الذي ويوجه الكلام ؟ وبحضرة من يكون الكلام ؟ وهل كان باسواب
الإثارة والاستفزاز أم بأسلوب النصح والإشفاق ؟
فالأسلواب غير المباشر أسلوب تربوي نافع للمخطئ ولغيره إذا استعمل بحكم