تقديم البديل الصحيح :
عن
عبدالله بن مسعود قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة قلبا :
السلام على الله من عباده ، والسلام على فلان وفلان ( وفي رواية النسائي
السلام على جبريل ، السلام على ميكائيل فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
لاتقولوا السلام على الله ، فإن الله هو السلام ، ولكن قولوا : التحيات
لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ،
السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فإنكم إذا قلتم أصاب كل عبد في
السماء أو بين السماء والأرض ، أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمد اً
عبده ورسوله ، ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو.
ومن هذا الباب ماروى عن
أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في القبلة ، فشق
ذلك عليه حتى رئي في وجهه ، فقام فحكه بيده ، فقال : إن أحدكم إذا قام في
صلاته فإنه يناجي ربه ، أو إن ربه بينه وبين القبلة فلا يبزقن أحدكم قبل
قبلته ولكن عن يساره أو تحت قدميه ، ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه ، ثم رد
بعضه على بعض فقل أو يفعل هكذا .
وفي رواية : لا يتفلن أحدكم بين يديه ولا عن يمينه ولكن عن يساره أو تحت رجله .
ومثال آخر :
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه
وسلم بتمر بربي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم من أين هذا ؟ قال بلال :
كان عندنا تمر ردي ، فبعت منه صاعين بصاع لنطعم النبي صلى الله عليه وسلم
، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك : أوه أوه عين الربا عين لا تفعل ، ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر ثم اشتره .
وفي رواية : أن غلاماً للنبي صلى الله عليه وسلم أتاه ذات يوم بتمر ريان وكان تمر النبي صلى الله عليه وسلم بعلاً فيه يبس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أني لك هذا التمر ؟ فقال : هذا صاع اشتريناه بصاعين من تمرنا . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تفعل فإن هذا لا يصلح ولكن تمرك واشتر من أي تمر شئت .
والذي
نجده في واقع بعض الدعاة الآمرين بالمعروف الناهين عن المبكر قصوراً في
دعوتهم عند إنكار بعض أخطاء الناس ، وذلك بالاكتفاء بالتخطئة وإعلان
الحرمة دن تقديم البديل أو بيان ماهو الواجب فعله إذا حصل الخطأ ، ومعلوم
من طريقة الشريعة أنها تقدم البدائل عوضاً عن أي منفعة محرمة ، فلما حرمت
الزنا شرعت النكاح ، ولما حرمت الربا أباحت البيع ، ولما حرمت الخنزير
والميتة وكل ذي ناب ومخلب أباحت الذبائح من بهيمة النعام وغيرها وهكذا .
ثم لو وقع الشخص في أمر محرم قفد أو جدت له الشريعة المخرج بالتوبة والكفارة كما هو مبين في نصوص الكفارات .
فينيغي على الدعاة أن يحذوا حذو الشريعة في تقديم البدائل وإيجاد المخارج الشرعية .
ومما
تجدر الإشارة إليه أن مسألة تقديم البدائل هي بحسب الإمكان والقدرة ، فقد
يكون الأمر أحياناً خطأ يجب الامتناع عنه ، ولا يوجد في الواقع بديل مناسب
، إما لفساد الحال وبعد الناس عن شريعة الله أو أن الآمر الناهي لا يستحضر
شيئاً أو ليس لديه إلمام بالبدائل الموجودة في الواقع ، فهو سينكر ويغير
الخطأ ولو لم يوجد لديه بديل يقوله ويوجه إليه ، وهذا يقع كثيراً في بعض
التعاملات المالية وأنظمة الاستثمار التي نشأت في مجتمعات الكفار ونقلت
بما هي عليه من المخالفات الشرعية إلى مجتمعات المسلمين ، وفي المسلمين من
القصور والضعف مايحول دون إيجاد البديل الشرعي وتعميمه .
ولكن
يبقى الحال أن ذلك قصور ونقص و أن المنهج الإلهي فيه البدائل والمخارج
التي ترفع الحرج والعنت عن المسلمين علمها من علمها ، وجهلها من جهلها .