إظهار الرحمة بالمخطئ :
وهذا يكون في حال من يستحق ممن عظم ندمه واشتد أسفه وظهرت توبته مثلما يقع أحيانا من بعض المستفتين كما في مثل هذه قصة :
عن ابن عباس أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم قد
ظاهر من امرأته فوقع عليها فقال يا رسول الله إني قد ظاهرت من زوجتي فوقعت
عليها قبل أن أكفر ، فقال وما حملك على ذلك يرحمك الله ، قال : رأيت
خلخالها في ضوء القمر قال : فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به .
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم اذ
جاء رجل فقال يا رسول الله هلكت ، قال مالم ، قال وقعت على امرئتي وأنا
صائم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تجد رقبة تعتقها ، قال : لا
، قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ، قال لا : فقال : فهل تجد
إطعام ستين مسكينا ، قال : لا ، قال : فمكث النبي صلى الله عليه وسلم
فبينا نحن على ذلك أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق
فيها تمر والعرق المكتل قال أين السائل ، فقال : أنا ، قال : خذها فتصدق
به ، فقال الرجل أعلى أفقر مني يا رسول الله فوالله ما بين لا بتيها يريد
الحرتين أهل بيتي . فضحك البني صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال
أطمعه أهلك .
أن هذا المستفتي المحطىء لم يكن هازلا ولا مستخفا بالأمر ، بل إن تأنيبه نفسه و شعورة بخطئه واضح من قوله : هلكت ، ولذلك استحق الرحمة ورواية أحمد ـ رحمه الله ـ فيها مزيد من التوضيح لحال الرجل عند مجيئه مستفتياً : عن أبي هريرة أن أعرابياً جاء يلطم وجهة وينتف شعره ويقول ما أراني إلا قد هلكت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم وما
أهلكك قال : أصبت أهلي في رمضان ، قال أتستطيع أن تعتق رقبة ، قال :لا قال
أتستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ، قال : لا ، قال : أتستطيع أن تطعم ستين
مسكيناً قال : لا وذكر الحاجة ، قال فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بزنبيل وهو المكتل فيه خمسة عشر صاعاً أحسبه تمراً قال النبي صلى الله عليه وسلم أين الرجل ، قال أطعم هذا قال رسول الله ما بين لا بتيها أحد أحوج منا أهل بيت قال فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه قال أطعم أهلك .