بعد استشهاد عثمان بن عفان رضي الله عنه، بيع لعلي بن أبي طالب بالخلافة، لأنه خشى على الأمة التفرق والضعف والإنقسام، واشترط أن تكون البيعة علانية وفي المسجد وعن رضا عامة المسلمين وبخاصة أهل الشورى وأهل بدر..
محبة الله ورسوله له: عن سهل بن سعد أن رسول اله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: "لأعطين هذه الراية غدًا رجلاً يفتح الله عليه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله" فبات الناس يذكرون أيهم يعطاهم فلما أصبح الناس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أين علي بن أبي طالب ؟ فقال الناس يا رسول الله إنه يشتكي وجعًا في عينه فقال رسول الله صلى الله عليه سلم فأرسلوا إليه، فأتى به فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينه فبرأت، وفتح الله على يديه..
موقعة الجمل 36هـ: نددت السيدة عائشة بمقتل عثمان، وبالطريقة التي قتل بها وانضم إلى ذلك التنديد الزبير بن العوام طلحة بن عبيد الله، ونادى الجميع المطالبة بدم عثمان رضي الله عنه، ولكن والي البصرة من قِبل علي بن أبي طالب عثمان بن حنيف قرر يعبئة من حوله، ومنع دخول الحلفاء البصرة بقوة السلاح، وعبأ عليّ رضي الله عنه قاته وسعى في الصلح، وتم الصلح على أساس أن يتم القصاص من قتلة عثمان، بعد أن يستتب الهدوء ولكن قيادات جيش عليّ كانوا من قتلة عثمان ، فأشعلوا الفتنة والحرب، وانهزم أصحب الجمل وأكرم علي رضي الله عنه السيدة عائشة وأعادها معزة مكرمة إلى المدينة المنورة..
موقعة صفين 37هـ: طالب معاوية رضي الله عنه بالقصاص من قتلة عثمان، وكان معاوية على أهل الشام الذين آلوا على أنفسهم أن لا يمسا النساء، ولا يناموا على الفرش حتى يقتلوا قتلة عثمان، فقد عاشرهم معاوية طويلاً، وامتلك قلوبهم وصاروا طوع أمره، ومن جانبه قام عليّ رضي الله عنه وهو خليفة المسلمين بعزل ولاة عثمان ومنهم معاوية والي الشام، فطلب معاوية القصاص من القتلى أولاً، ورأى عليّ ضرورة الامتثال لأمره باعتباره خليفة المسلمين، فكان لابد من الصدام في صفين عام 37هـ ولما اشتد القتال وكاد الفريقيان أن يفنيان قام أهل الشام برفع المصاحف على السيوف، حتى يحكموا كتاب الله فوقف القتال.
ومما يزيد الأسف أهذه الحرب لم يكن المراد منها الوصول إلى تقرير مبدأ ديني أو رفع حيف حل بالأمة، وإنما كان لنصرة شخص على شخص فشيعة علي تنصره لأنه ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحق الناس بولاية الأمر، وشيعة معاوية تنصره لأنه ولى عثمان وأحق الناس بطلب دمه المسفوك ظلمًا، ولا يرون أنه ينبغي لهم مبايعة من آوى إليه قتلته..
استشهاد علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
لقى عليّ رضي الله عنه الشهادة حين قتله عبد الرحمن بن ملجم الخارجي وهو خارج لصلاة الفجر في رمضان سنة 40هـ..
أمير المؤمنين الحسن بن علي رضي الله عنهما وتنازله عن الخلافة:
تولى الحسن بن علي رضي الله عنهما الخلافة بعدأبيه في رمضان 40هـ، بعد أن بايع له أهل الكوفة وأصبح الخليفة الشرعي على الحجاز واليمن والعراق، وقد استمرت خلافته ستة أشهر وقد تنازل الحسن بن علي عن الخلافة في ربيع الأول 41هـ ، وتنازل عنها حتى يحقن الدماء ويوحد الأمة تحت قيادة واحدة وحتى يجنب الأمة الضعف والفرقة، فعندما قال له نفير بن الحضرمي: إن الناس يزعمون أنك تريد الخلافة فقال: كانت جماجم العرب بيدي، يسالمون من سالمت ويحاربون من حاربت فتركتها ابتغاء مرضاة الله..
فهذه شهادة الحسن بن علي بأنه كان فيوض قوي، وبأن أتباعه على استعداد لمحاربة من يريد أو مسالمتهم، كما كان رضي الله عنه يملك الملكات الخطابية، والفصلحة البيانية، وصدق العاطفة، قوة البيان، وقربًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يجعله أكثر تمسكًا وأكثر قوة..
فالحسن بن علي رضي الله عنه قدوة للمسلمين فيالترفع عن حطام الدنيا، وطلب ما عند الله تعالى واحتساب الأجر والمثوبة من الله، لقد كان رضي الله عنه من زهاد عصره، ونال في هذا القدح المعلي فقد ترك الدنيا وحطامها واشتغل برضا الله عز وجل، ومع ذلك فقد أعطاه الله المنزلة في قلوب الخلق، واحترامًا وإجلالاً..
وكان الحسن بن علي يفد على معاوية كل سنة في خلافته فيقدم له العطايا والهدايا واستمرت العلاقات طيبة بين الطرفين تتسم بكل احترام وتقدير، وتوفي الحسن بن علي رضي الله عنهما عام 51هـ وهو قول البخاري..
السبت مايو 10, 2008 2:08 pm
